جِبِلّتنا بين النّجدين 2
كيان الانسان لم ينشأ من
قبضة من الطين, لم ينشأ من الوجود الجسدي و انّما نشأ حين تلبّست نفحة الروح بقبضة
الطين فعبرت طبيعتها فشقّت بالمعرفة و الادراك و الإرادة و الاختيار ..و لم يعد
فيها ما كان فيها من قبل من صفاته و عتامةٍ و انطماس .. تلك النشأة التاريخية، ويمكن
التفصيل بين الجسد و الروح فالإنسان يكون شريرا حين يحكم الجسد مزاجه المجتمع
المترابط. و خيرا حين تحكم الروح هذا المزاج و نُعبّر عن ذلك بقولنا أنّه شريرا
تارة و خيّرا تارة
حين يحكم الجسد هذا
المزاج المجتمع المترابط " لا نُلغِ وجود الروح ولكنه يطمِس عليها بعتامة الطين. نذكر هنا مثالا عن
الشرّ المُنبعِث من الروح شهوة السلطان يستولي على الأفراد، شهوة تتعالى عن متاع
الجسد على وجه العموم (هتلر و ستالين..) انما هي شهوة تضخيم الإرادة في كيان فرد
يختل أي تضخيم لسمة هي أصلا من سمات الروح و الإرادة التي تُكوّن الطغيان هي إرادة
النّوازع المرتبطة بالكيان الحيواني و ليست إرادة النوع المرتبطة بكيان الروح في
كل ذلك ينشأ الشر ..و ينشأ من خضوع كيان المجتمع المترابط لسيطرة الجسد.. و يكون
شرّا في جميع الأوضاع و جميع الأجيال و الأطوار لأنه اختلال في ميزان الانسان.
نذكر أيضا أن الشر ينشأ من تولّي الجسم قيادة المجتمع المترابط الذي ينبغي أن تتولى قيادته الروح بحكم النشأة الطبيعية التي جعلت الانسان انسانا و رفعته عن الحيوان و قد كان قمينا أن يكون حيوانا لولا تلك "النفحة العلوية" في قبضة الطين, فحين يعلي الانسان كيانه الروحي " والجسد في القيادة" تنطمس إشعاعة الروح المضيئة و تنمس في عتامة الطين حينها ينشأ الشر و حينذاك يهبط الانسان الى مستوى أسوأ من مستوى الغير عُقلاء " لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يُبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون" ..أضل لأن الغير العاقل من ناحية ليس مطالبا بالارتفاع و لا قادرا عليه تلك الفطرة, أما الانسان يُخالف فطرته السوية و يهبط عنها.
يتبع ....